
عام من الإبادة الجماعية الإسرائيلية يحول غزة إلى أرض قاحلة
مع مرور عام على الحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة، أصبح القطاع الآن أشبه بأرض قاحلة، حيث يعيش الفلسطينيون النازحون وسط دمار هائل وجوع وخوف.
اندلعت الحرب في أعقاب غزو حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص.
وردت إسرائيل على ذلك بمقتل نحو 42 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة 97100 آخرين، بحسب وزارة الصحة في غزة.
لقد أدت الإبادة الجماعية الإسرائيلية إلى نزوح ما يقرب من كامل سكان المنطقة وسط حصار مستمر أدى إلى نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والأدوية.
وتسبب الهجوم في دمار هائل في جميع أنحاء القطاع الفلسطيني، حيث قدرت الأمم المتحدة حطام المباني المدمرة بأكثر من 42 مليون طن.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 163 ألف مبنى، أو ثلثي مباني ما قبل الحرب في غزة، تضررت أو دُمرّت في الحرب الإسرائيلية.
وقالت دائرة الإعلام الحكومي في غزة إن 611 مسجدا وثلاث كنائس دمرت، و214 مسجدا آخر تضررت جزئيا جراء الهجمات الإسرائيلية.
كما أدت الإبادة الجماعية إلى تدمير 206 موقعًا أثريًا وتراثيًا إلى جانب 36 منشأة رياضية وملعبًا وصالة ألعاب رياضية.
دمار هائل
وبحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فإن نحو 67% من مرافق المياه والصرف الصحي في غزة إما دمرت أو تضررت في الحرب الإسرائيلية.
وتشير تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء وسلطة جودة البيئة الفلسطينية في يونيو/حزيران إلى أن إمدادات المياه المتاحة في غزة انخفضت إلى ما بين 10% و20% من مستويات ما قبل الحرب.
وقد أدى هذا إلى انخفاض كمية المياه المتاحة لسكان غزة بنسبة 94%، حيث أصبح السكان بالكاد قادرين على الوصول إلى 4.74 لتر للشخص الواحد في اليوم – وهو أقل بكثير من الحد الأدنى البالغ 15 لترًا الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.
وقالت منظمة أوكسفام لمكافحة الفقر إن 88% من آبار المياه في غزة و100% من محطات تحلية المياه إما تضررت أو دمرت، مما أدى إلى انخفاض إنتاج المياه بنسبة 84%.
كما تم خفض إمدادات المياه الخارجية من شركة المياه الإسرائيلية "ميكوروت" بنسبة 78%.
وبحسب منظمة أوكسفام، دمرت إسرائيل 70% من محطات ضخ مياه الصرف الصحي في غزة و100% من محطات معالجة مياه الصرف الصحي ومختبرات جودة المياه.
وقد أدى ذلك إلى غمر مياه الصرف الصحي الشوارع ومخيمات اللاجئين، وهو الوضع الذي من المتوقع أن يتفاقم خلال أشهر الشتاء، مما يزيد من خطر تفشي الأمراض بين السكان النازحين.
ولم يسلم قطاع التعليم في غزة من الهجمات الإسرائيلية، حيث تم تدمير 125 مدرسة وجامعة بشكل كامل، وتضرر 337 أخرى.
علاوة على ذلك، تم تدمير 201 منشأة حكومية بالكامل، مما أدى إلى شل قدرة الإقليم على توفير الخدمات العامة.
وتسببت الاعتداءات والحصار الإسرائيلي أيضًا في انتشار الأمراض في أنحاء القطاع الفلسطيني.
وبحلول شهر يوليو/تموز، كان أكثر من 25% من سكان غزة يعانون من أمراض خطيرة يمكن الوقاية منها بسبب تلوث مياه الصرف الصحي ونقص المياه، بحسب منظمة أوكسفام.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أصيب أكثر من 1.73 مليون شخص بأمراض معدية.
وفي أغسطس/آب، ظهر شلل الأطفال مجددا في غزة لأول مرة منذ 25 عاما، مما دفع المنظمات الصحية الدولية إلى إطلاق حملات تطعيم طارئة.
الجوع
تسبب الحصار الإسرائيلي الخانق على غزة في انتشار الجوع على نطاق واسع في جميع أنحاء القطاع الفلسطيني.
منذ بدء الحرب الإسرائيلية العام الماضي، توفي ما لا يقل عن 36 طفلاً بسبب سوء التغذية وسط تفاقم أزمة الغذاء في المنطقة.
وأفادت الأونروا في يونيو/حزيران أن أكثر من 50 ألف طفل في غزة بحاجة ماسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد.
وبحسب منظمة أوكسفام، يواجه واحد من كل خمسة أشخاص في غزة "مستويات كارثية من الجوع".
ويقدر برنامج الغذاء العالمي أيضاً أن نصف مليون شخص من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
الخراب الاقتصادي
كما أدت الإبادة الجماعية الإسرائيلية إلى تدمير اقتصاد غزة، حيث تم تدمير المصانع والمزارع وأسواق الصيد.
وتشير التقديرات الأولية لمكتب الإعلام الحكومي في غزة إلى أن الخسائر الاقتصادية بلغت 33 مليار دولار.
وبحلول شهر يناير/كانون الثاني، كان الهجوم الإسرائيلي قد قضى على ثلثي الوظائف التي كانت موجودة قبل الحرب، مما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة من 45% إلى 80%، وفقاً لمنظمة العمل الدولية.
وأفاد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أن معدل الفقر في غزة ارتفع إلى 100%، مقارنة بـ50% قبل الإبادة الجماعية.
وأشارت الأونكتاد أيضاً إلى أن 80-96% من الأصول الزراعية في غزة، بما في ذلك أنظمة الري ومزارع الثروة الحيوانية والبساتين، تعرضت للضرر أو التدمير.
وقد أدى هذا إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، حيث أصبح 82% من شركات غزة الآن في حالة خراب، مما أدى إلى ترسيخ الانهيار الاقتصادي في المنطقة.
الإبادة الجماعية
دفعت الحرب الإسرائيلية الوحشية جنوب أفريقيا إلى رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي متهمة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.
انضمت عدة دول إلى قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، بما في ذلك تركيا ونيكاراغوا وإسبانيا والمكسيك وليبيا وكولومبيا.
في مايو/أيار الماضي، أمرت المحكمة العليا للأمم المتحدة إسرائيل بوقف هجومها على مدينة رفح في جنوب قطاع غزة. وكانت هذه هي المرة الثالثة التي تصدر فيها هيئة المحكمة المكونة من 15 قاضياً أوامر أولية تهدف إلى كبح جماح أعداد القتلى المتزايدة في غزة وتخفيف المعاناة الإنسانية في القطاع المحاصر.
وأثار الهجوم المدمر احتجاجات جماهيرية واسعة في جميع أنحاء العالم تطالب بإنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني على الفور.
ومع استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، تزايد الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية ودعم مساعيها للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
في مايو/أيار، اعترفت إسبانيا والنرويج وأيرلندا رسميًا بدولة فلسطين، تلتها سلوفينيا وأرمينيا في يونيو/حزيران. وبذلك أصبح العدد الإجمالي للدول التي تعترف بفلسطين 149 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة.
فشلت جهود الوساطة التي تقودها الولايات المتحدة ومصر وقطر للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، بسبب رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف الحرب.