بينما تقصف الغارات الجوية الإسرائيلية بلا هوادة المناطق الشمالية من قطاع غزة، يصف السكان حياتهم اليومية بأنها "فيلم رعب حقيقي".
وقد تكشفت هذه الحقيقة القاتمة يوم الخميس، وهو اليوم التالي لبدء سريان وقف إطلاق النار في لبنان المجاور، والذي لم يقدم سوى القليل من الإغاثة لأولئك الذين يعانون في غزة.
في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تكثف الهجوم العسكري الإسرائيلي في جباليا وامتد إلى بيت لاهيا في الشمال، بهدف معلن هو منع حماس من إعادة تجميع صفوفها.
لقد كان الثمن الذي دفعه المدنيون مدمرا.
وتقول أم أحمد لبد (52 عاماً) من بيت لاهيا، التي تروي خوفها ويأسها: "القصف لا يتوقف، من الجو أو على الأرض. نحن نعيش في وضع لا يمكن وصفه".
إنها تخشى مغادرة منزلها لكنها تظل مستعدة لإخلائه إذا طلب الجيش الإسرائيلي ذلك، على الرغم من أنها لا تعرف إلى أين تذهب.
ووصف أبو محمد المدهون، النازح من جباليا، الوضع بأنه "كارثي"، قائلا: "إنه يزداد سوءا كل يوم". وقد أسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية بالفعل عن مقتل 37 شخصا على الأقل في غزة يوم الخميس وحده، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس.
وفي الشمال، وصف مدير مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية، الأوضاع بـ"المأساوية والصعبة للغاية".
وأصبح المستشفى، وهو واحد من اثنين لا يزالان يعملان جزئيا في المنطقة، هدفا للقصف المستمر.
وأضاف أن "الاحتلال لا يسمح بإدخال أي شيء، والاستهداف في محيط المستشفى لم يتوقف".
تعرضت المستشفيات في غزة لضربات متكررة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في أعقاب توغل غير مسبوق لحماس في جنوب إسرائيل.
تزعم إسرائيل أن حماس تستخدم منشآت مدنية مثل المستشفيات لحماية عملياتها، لكن حماس والعاملين في المجال الطبي ينفون هذا الاتهام بشدة.
رداً على تصاعد العنف، نقلت إسرائيل 34 مريضاً من مستشفيي كمال عدوان والعودة إلى مرافق أكثر أماناً في غزة.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) إن العمليات العسكرية المستمرة أدت إلى نزوح 130 ألف شخص في شمال غزة وحده.
وحذرت أيضا من أن الأوضاع بالنسبة لبقية الأشخاص الذين يتراوح عددهم بين 65 و75 ألف شخص في المنطقة تتدهور بسرعة.
وتواصلت المأساة يوم الجمعة عندما استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية منزلين في مدينة غزة، ما أدى إلى مقتل 12 شخصا وإصابة تسعة آخرين على الأقل.
انتشلت طواقم الدفاع المدني الفلسطيني جثث الضحايا وأنقذت خمسة آخرين كانوا محاصرين تحت أنقاض منزل عائلة نصار.
وأدت غارة أخرى على حي الزيتون إلى إصابة أربعة آخرين.
منذ اندلاع الحرب، أثارت تصرفات إسرائيل في غزة إدانات واسعة النطاق.
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تتعلق بالهجوم على غزة.
علاوة على ذلك، تواجه إسرائيل قضية إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية.
وبحسب وزارة الصحة التي تديرها حماس، فإن حصيلة القتلى في غزة حتى الآن تجاوزت 44300 شخص، فيما أصيب أكثر من 104900 شخص.
في المقابل، أدى الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى مقتل 1207 شخصاً.