استؤنفت جهود التوسط في وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل بعد توقف دام شهرا، وفقا لمسؤول كبير في حماس اليوم الخميس.
وتهدف المحادثات، التي ييسرها وسطاء دوليون، إلى إنهاء الحرب المدمرة المستمرة منذ 14 شهراً في غزة.
كشف عضو المكتب السياسي لحركة حماس باسم نعيم، اليوم الخميس، عن عودة الوسطاء من قطر ومصر والولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات.
وفي تصريح أدلى به من تركيا، أعرب نعيم عن تفاؤل حذر، قائلاً: "أعتقد أن التوصل إلى اتفاق ليس تحدياً كبيراً.. إذا كانت هناك نوايا من الجانب الآخر".
وكانت المفاوضات قد تعثرت في وقت سابق عندما أوقفت قطر مشاركتها الشهر الماضي بسبب الإحباط من عدم إحراز تقدم.
ومع ذلك، تركز الجهود الأخيرة على وقف العنف، وإطلاق سراح الرهائن في غزة، وتحرير السجناء الفلسطينيين في إسرائيل.
وأكد مسؤول لم يكشف عن هويته مطلع على المحادثات عودة قطر للمشاركة، وهو ما يسلط الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه الدولة الخليجية في هذه المناقشات.
التحولات الجيوسياسية
منذ الجولة الأخيرة من المحادثات، شهد المناخ الجيوسياسي تطوراً كبيراً.
لقد أدى فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية واتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان إلى إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية.
ورغم أن ترامب يعد حليفاً قوياً لإسرائيل، فإن حماس ترى فرصاً محتملة تحت إدارته.
وأشار نعيم إلى تركيز حملة ترامب على وقف الحروب في الشرق الأوسط ومطالبته الأخيرة بالإفراج عن الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني. وحذر ترامب من أن "الثمن باهظ" ينتظره إذا لم يتم تلبية هذا المطلب.
إطار وقف إطلاق النار
وتدور المناقشات حول خطة متعددة المراحل لوقف إطلاق النار. ففي البداية، من المقرر أن يتوقف القتال لمدة ستة أسابيع، مع إطلاق حماس سراح الرهائن من النساء وكبار السن والمرضى في مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين.
خلال هذه الفترة، ستخفف إسرائيل من عملياتها العسكرية، مما يسمح للفلسطينيين النازحين بالعودة.
وتتضمن المراحل اللاحقة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين، ووضع خارطة طريق لتحقيق السلام وإعادة الإعمار على المدى الطويل.
ورغم عدم وجود مقترح نهائي، قال نعيم إن حماس لا تزال ملتزمة بمطالبها الأساسية وهي وقف إطلاق النار الدائم، والانسحاب الإسرائيلي، وعودة النازحين الفلسطينيين.
التوترات والمواقف المتباينة
وتواجه المحادثات عقبات كبيرة، بما في ذلك إصرار إسرائيل على وجود عسكري دائم في غزة. وتعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس ومنع الجماعة من استعادة السيطرة.
وتعثرت المفاوضات السابقة بسبب مطالبة إسرائيل بالاحتفاظ بالسيطرة على مناطق استراتيجية مثل ممر فيلادلفيا على طول حدود غزة مع مصر.
وردت حماس باقتراحات لفتح معبر رفح وضمان الانسحاب الإسرائيلي الكامل.
اتفقت حماس وفتح مبدئيا على تشكيل لجنة تكنوقراطية لحكم غزة بعد الصراع.
وينص هذا الترتيب على تخلي حماس عن السيطرة السياسية مع الاحتفاظ بقدراتها العسكرية. وأكد نعيم: "نحن حركة تحرير وطني، وليس حركة للحكم".
وتؤكد حماس أن المقاومة المسلحة هي الرد المشروع على الاحتلال.
لكن نعيم أكد استعداد الحركة المشروط لنزع سلاحها إذا تم إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967.
الطريق إلى السلام هش
وبينما يتنقل الوسطاء عبر المشهد المحفوف بالمخاطر، تظل المخاطر عالية.
لقد قتلت إسرائيل أكثر من 44500 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، في غزة، بينما أودى هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بحياة 1200 إسرائيلي وأسفر عن احتجاز 250 رهينة.
ومع تمسّك كل من الجانبين بمواقفه، فإن احتمال التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار يتوقف على تقديم تنازلات دقيقة وضغوط دولية مستمرة. وكما قال نعيم: "المقاومة أداة وليست هدفاً في حد ذاتها".