تتفاقم الأعاصير المتوسطية وتزداد تدميراً: ظاهرة نادرة
تعرضت ليبيا هذا الأسبوع لإعصار متوسطي نادر يعرف بـ “مديكين”، والذي أسفر عن فيضانات مدمرة وخسائر بشرية كبيرة. يعتقد العلماء أن هذه الظاهرة المناخية ستزداد تأثيرًا في ظل ارتفاع درجات الحرارة العالمية. يتم استخدام مصطلح “مديكين” بشكل مستمر من قبل العلماء وخبراء الأرصاد الجوية، ويشير إلى الاجتماع بين كلمتي “البحر الأبيض المتوسط” و”إعصار” باللغة الإنجليزية.
تشبه الأعاصير المتوسطية الأعاصير الأخرى، ولكنها تتشكل فوق المياه الأقل سخونة. تظهر في صور الأقمار الاصطناعية على شكل كتلة دوامة من السحب العاصفة تحيط بنقطة مركزية تسمى “عين الإعصار”. تكون الأعاصير المتوسطية أصغر وأضعف من الأعاصير الاستوائية، وتصل قوتها إلى ما يعادل إعصار من الفئة الأولى على مقياس سفير – سيمبسون، مع سرعة تتراوح بين 119 و153 كيلومترًا في الساعة.
بالإضافة إلى رياحها العنيفة، تتسبب الأعاصير المتوسطية في هطول أمطار غزيرة. فقد أسقطت العاصفة “دانيال” ما يصل إلى 170 مليمترًا من الأمطار في أقل من يومين على برقة في شمال ليبيا، حيث يندر هطول الأمطار في هذا الموسم.
تشكل الأعاصير المتوسطية عادة في الخريف عندما يكون البحر دافئًا، وعلى الغالب في غرب البحر الأبيض المتوسط ومنطقة البحر الأيوني وشمال أفريقيا. تحدث هذه الأعاصير عندما يتقاطع الهواء البارد القادم من الارتفاعات الأعلى مع الهواء الدافئ الصاعد من البحر، وذلك حول مركز ضغط منخفض.
تتشكل الأعاصير المتوسطية مرة أو مرتين في السنة، وتتحرك عادة من الغرب إلى الشرق. وقد عبرت العاصفة “دانيال” بلغاريا واليونان وتركيا قبل أن تصل إلى ليبيا. في السنوات الأخيرة، شهدت مناطق أخرى في المنطقة تشكل أعاصير متوسطية، مثل جزر البليار وإسبانيا واليونان وصقلية.
يتوقع العلماء أن يزداد تأثير الأعاصير المتوسطية في المستقبل بسبب ارتفاع درجات حرارة سطح البحر الناجم عن تغير المناخ. يعتقدون أن هذه الأحداث المتطرفة ستصبح أكثر شدة، على الرغم من أنها قد تصبح أقل تواترًا. يشير العلماء إلى أن المحيطات امتصت 90% من الحرارة الزائدة الناتجة عن النشاط البشري، وقد سجلت المياه السطحية في شرق البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي درجات حرارة أعلى من المعتاد في الآونة الأخيرة، مما يجعل الأعاصير المتوسطية أكثر قوة. يؤكد العلماء أن تغير المناخ سيزيد من شدة هذه الأعاصير وكمية الأمطار المصاحبة لها في المستقبل.
