لا تظهر أي علامة على تباطؤ العنف المتزايد في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل بعد أن قتلت القوات الإسرائيلية ثلاثة فلسطينيين آخرين يوم الأحد.
ومن المرجح أن تؤدي عملية القتل إلى تصعيد موجة العنف التي قُتل فيها شخصان آخران، من بينهما شاب فلسطيني، على يد مستوطنين يهود متطرفين، خلال القتال في نهاية الأسبوع.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد ثلاثة "شبان برصاص الاحتلال (الإسرائيلي)" في الحادث الذي وقع قرب بلدة عرابة في منطقة جنين.
وقال نائب محافظ جنين كمال ابو الرب لوكالة فرانس برس ان الجيش الاسرائيلي "استولى على السيارة والجثث".
وأضاف أن "السيارة كانت تحمل لوحة ترخيص إسرائيلية".
ومن ناحية أخرى، قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق النار على الرجال الثلاثة بالقرب من مخيم جنين للاجئين – وهو موقع عملية عسكرية واسعة النطاق الشهر الماضي.
وزعمت أن الرجال الثلاثة خرجوا للتو من المعسكر وكانوا في طريقهم لتنفيذ هجوم، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وأدانت حركتا حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتان عمليات القتل.
وأعلن بيان رسمي صادر عن حركة الجهاد الإسلامي أن أحد القتلى هو عضو فيها، وقال إن الآخر صبي يبلغ من العمر 15 عاما. وقال مسعفون فلسطينيون إن الجثث كانت محتجزة لدى القوات الإسرائيلية.
وقال حازم قاسم المتحدث باسم حماس إن "العدو الذي اغتال ثلاثة من أبناء شعبنا الفلسطيني لن يفلت من دفع ثمن جرائمه".
كما توعدت حركة الجهاد الإسلامي بالانتقام. وقال المتحدث باسمه طارق سلمى في بيان إن "العدو سيدرك أن حماقته وإرهابه سيقابل برد قوي من المقاومة".
وكثيراً ما يُزعم أن مخيم جنين هو معقل للجماعات الفلسطينية المسلحة. وفي الشهر الماضي، شن الجيش الإسرائيلي هجوما استمر يومين على المخيم، مما أسفر عن مقتل 12 فلسطينيا، وإلحاق أضرار واسعة النطاق بالمنطقة المكتظة بالسكان. كما قتل جندي إسرائيلي في العملية.
لكن يبدو أن الهجوم لم يفعل الكثير لوقف موجة أوسع من العنف بدأت في أوائل عام 2022 واكتسبت زخما منذ تولت الحكومة المتشددة الجديدة في إسرائيل السلطة في ديسمبر.
مستوطنون يقتحمون قرية ويقتلون فتى
ويهيمن زعماء المستوطنين القوميين المتطرفين في الضفة الغربية وحلفاء آخرين لهم علاقات وثيقة مع حركة المستوطنين على الحكومة الإسرائيلية. وقالت أعداد متزايدة من الأصوات الإسرائيلية إن وجودها في الحكومة أدى إلى تفاقم الأجواء المتوترة من خلال تشجيع المستوطنين المتشددين الشباب على مهاجمة الفلسطينيين.
أفاد موقع “واينت” الإخباري الإسرائيلي يوم الأحد أن رونين بار، رئيس جهاز الأمن الداخلي “الشين بيت”، حذر مؤخرا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أن عنف المستوطنين أصبح تهديدا استراتيجيا ويزيد من احتمال وقوع هجمات فلسطينية انتقامية. وأثار التقرير إدانات غاضبة من أعضاء بارزين في الحكومة.
وذكر التقرير أن بار أصدر تحذيره قبل حادثة ليلة الجمعة التي اقتحم فيها مستوطنون مسلحون قرية فلسطينية وقتلوا شابا فلسطينيا.
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مستوطنين إسرائيليين، بتهمة إطلاق النار على الشاب قصي متان (19 عاما) في قرية برقة.
وقال الجيش إن المستوطنين الإسرائيليين وصلوا إلى المنطقة لرعي الأغنام، مما أدى إلى وقوع اشتباكات بين الإسرائيليين والفلسطينيين من القرية. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن أحد المشتبه بهم في الحادث، ويدعى إليشا ييريد، كان مساعدا سابقا لنائب قومي متطرف في حزب "القوة اليهودية"، أحد شركاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الرئيسيين في الائتلاف.
ويأتي إطلاق النار في إطار تصعيد لهجمات المستوطنين على المدنيين الفلسطينيين في الأشهر الأخيرة، وحذر العديد من المعلقين الإسرائيليين يوم الأحد من أن المهاجمين شعروا بالتشجيع من زملائهم القوميين المتطرفين في المناصب الرئيسية في الحكومة.
وفي صحيفة "يسرائيل هيوم" اليومية اليمينية الناطقة بالعبرية، كتب الناقد يوآف ليمور أن هناك "ميليشيات يهودية مسلحة تعمل مثل الجماعات الإرهابية".
وحذر من أنه إذا "لم ترجع إسرائيل إلى رشدها" وأوقفتهم على الفور، فإن المستوطنين قد يلحقون أضرارا جسيمة.
ومع ذلك، انتقد سياسيون بارزون في الحكومة الإسرائيلية هذه الانتقادات، حيث وصف وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتامار بن غفير، وهو زعيم مستوطن يقود فصيلا قوميا متطرفا في الحكومة، المستوطنين اليهود الذين يواجهون الفلسطينيين بالأبطال.
وقال تالي جوتليف، عضو حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، إن "أجندة يسارية" و"الدولة العميقة" اخترقت جهاز الشاباك.
وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة وسط مداهمات اعتقال يومية يشنها الجيش الإسرائيلي، وتزايد الهجمات التي يشنها المستوطنون اليهود المتطرفون والهجمات الانتقامية التي تشنها الجماعات الفلسطينية.
ويعد تصاعد القتال من بين الأسوأ بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ ما يقرب من عقدين من الزمن. وقتل أكثر من 211 فلسطينيا بنيران إسرائيلية هذا العام في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس.
وقتل 26 شخصا على الأقل في هجمات فلسطينية ضد إسرائيليين هذا العام.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في حرب الأيام الستة عام 1967، إلى جانب قطاع غزة والقدس الشرقية. ويسعى الفلسطينيون إلى الحصول على تلك الأراضي لإقامة دولتهم المستقلة المأمولة.
وباستثناء القدس الشرقية التي تم ضمها، فإن الضفة الغربية هي موطن لحوالي 3 ملايين فلسطيني وحوالي 490 ألف إسرائيلي يعيشون في مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.